حكايات بني دايخ يوسفية بقلم : محمد فتحى شعبان 🇪🇬

 

حكايات بني دايخ  يوسفية




بقلم : محمد فتحى شعبان 🇪🇬

                              

نحيفة إلي درجة تثير الدهشة ، ليس هناك أي مظهر أنوثة في جسدها حين تمشي تشعر أن ملابسها تسير وحدها ، كأنها خيال ...ملابس سوداء متسخة خمار طويل ، تغطي وجهها بنقاب كي لا يعرفها أحد ، تأتي إلي السوق قبل الفجر ، تدور بين طرقات السوق تلملم حبات الخضار الساقطة فوق الأرض ، أو قد تشتري بعض خضروات الدرجة الثانية ، يحسن إليها البعض لكن الغالب يسئ إليها في الحديث ، تتعرض للإهانة من بعض العمال و الشيالين في السوق ، تضع ما تجمعه عند بوابة السوق ليكون تحت أعين موظفي البوابة ( الافندية) كما يقال لهم ، تدور عدة مرات في السوق تمتد لساعات طويلة ، ثم تأتي لتجلس عند حاجياتها ( قطعت النفس من كتر اللف في السوق ) تركن رأسها إلي الحائط ، ترفع نقابها قليلا يرتسم التعب علي ملامح وجهها الدقيقة ، رغم نحافتها وأنها بلا معالم انوثة لكن تحمل وجها حلو الملامح لكنه متعب .

   تلملم ما جمعت ثم تذهب إلي بيتها ، تجد أطفالها قد استيقظوا ، اربع صغار يكاد يذهب الجوع بأنفسهم ، تعد لهم ما يسد به جوعهم ، تبدأ في فرز ما جمعت من خضر ، تفرشه أمام البيت .

    زقاق ضيق في حارة الصول ، بيت بلا سقف فقط بعض الخوص يمنع عن ساكني البيت بعض حر الشمس لكن لا يمنع برد الشتاء ولا مطره ، تجلس يوسفية أمام البيت تبيع أشلاء خضار وفاكهة ، يوسفية وقد خلعت نقابها يلعب حولها أبناءها ، لا تظن أنها بلا زوج ولكن زوج عدمه افضل ، حين تدخل إلي البيت تجده ملقي فوق الأرض بسروال وفانلة داخلية قد تحولت إلي لون رمادي من كثرة ما علق بها من وسخ ، جانبه شريط ترامادول فارغ ، في يده كوب شاي ، وسيجارة مشتعلة يضعها بين شفتيه وينفث دخانها في الهواء .

     نساء حارة الصول يعرفن يوسفية و بضاعتها الرخيصة ،ينتظرنها حين تأتي لتشتري كل واحدة تحتاجه من خضر ، البعض لا يدفع ( بيشتروا شكك ...حين ميسرة ) رغم ما تعانيه لا تمنع أحد أن يأخذ ما يحتاج .

   نساء فقيرات ، ملابس فقيرة كلحت من كثرة ما لبست ، نعم هذه حالة غالب الحارة ، سكان الحارة ليسو من أهل البلد ولكن جاءوا من بلاد بعيدة دفعهم الفقر لهجرة بلادهم لعلهم يجدون ما يغنيهم .

    يخرج زوج يوسفية إليها يجذب كيس النقود من رقبتها ، يسب ويلعن ، تتفرق النساء ، يخرج ما في الكيس من مال ثم يليقيه في وجهها ، تولول يوسفيه وتلطم وجهها يتجمع حولها صغارها يلتصقون بها ونظرات الرعب في أعينهم .

إرسال تعليق

0 تعليقات